كنوز اسلامية admin
عدد الرسائل : 3804 العمر : 32 بلدك : مصر السٌّمعَة : 1 نقاط : 5028 تاريخ التسجيل : 21/10/2007
| موضوع: كُلُّ أمتي معافى إلا المجاهرين الأربعاء فبراير 25, 2009 12:11 pm | |
| باسم الله ، والحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد : فهذا شرح الشيخ ابن عثيمين للحديث :
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : " كُلُّ أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعملَ الرجلُ بالليل عملًا ، ثم يصبح وقد سترهُ اللهُ عليه فيقول : يا فلان ! عمِلتُ البارحةَ كذا وكذا ، وقد بات يستره ربُّه ، ويصبح يكشفُ سترَ اللهِ عنه " [ متفق عليه ] .
الشــرح : ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : " كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرين " .
ـ يعني بكل الأمة: أمة الإجابة الذين استجابوا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
" معافى " : يعني قد عافاهم الله عز وجل .
" إلا المجاهرين " : والمجاهرون هم الذين يجاهرون بمعصية الله عز وجل ، وهم ينقسمون إلى قسمين :
الأول : أن يعمل المعصية وهو مجاهر بها ، فيعملها أمام الناس ، وهم ينظرون إليه . وهذا لا شك أنه غير معافى، وهو من المجاهرين ؛ لأنه جر على نفسه الويل ، وجره على نفسه الويل ، وجره على غيره أيضا .
أما جره على نفسه ؛ فلأنه ظلم نفسه حيث عصى الله ورسوله ، وكل إنسان يعصي الله ورسوله ؛ فإنه ظالم لنفسه، قال الله تعالى : { وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [البقرة : 57] ، والنفس أمانة عندك يجب عليك أن ترعاها حق رعايتها ، وكما أنه لو كان لك ماشية فإنك تتخير لها المراعي الطيبة وتبعدها عن المراعي الخبيثة الضارة ، فكذلك نفسك يجب عليك أن تتحرى لها المراتع الطيبة ، وهي الأعمال الصالحة ، وأن تبعدها عن المراتع الخبيثة وهي الأعمال السيئة .
وأما جره على غيره ؛ فلأن الناس إذا رأوه قد عمل المعصية هانت في نفوسهم ، وفعلوا مثله ، وصار ـ والعياذ بالله ـ من الأئمة الذين يدعون إلى النار ، كما قال الله تعالى عن آل فرعون : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ } [القصص : 41] .
وقال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " من سن في الإسلام سنة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" .
فهذا نوع من المجاهرة ، ولم يذكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ لأنه واضح ، لكنه ذكر أمرا آخر قد يخفى على بعض الناس ، فقال :
ومن المجاهرة : أن يعمل الإنسان العمل السيئ في الليل ؛ فيستره الله عليه ؛ يعمل العمل في بيته فيستره الله عليه ولا يطلع عليه أحد ، ولو تاب فيما بينه وبين ربه لكان خيرا له ن ولكنه إذا قام في الصباح واختلط بالناس قال : عملت البارحة كذا ، وعملت كذا وعملت كذا ، فهذا ليس معافى ، هذا ـ والعياذ بالله ـ قد ستر الله عليه ؛ فأصبح يفضح نفسه .
وهذا الذي يفعله بعض الناس يضا يكون له أسباب :
السبب الأول : أن يكون الإنسان غافلا سليما لا يهتم بشيء ، فتجده يعمل السيئة ثم يتحدث بها عن طيب قلب لا عن خبث قصد .
والسبب الثاني : أن يتحدث بها تبجحا بالمعاصي واستهتارا بعظمة الخالق ، فيصبحون يتحدثون بالمعاصي متبجحين بها كأنما نالوا غنيمة ، فهؤلاء ـ والعياذ بالله ـ شر الأقسام .
ويوجد من الناس من يفعل هذا مع أصحابه ، يعني أنه يتحدث به مع أصحابه فيحدثهم بأمر خفي لا ينبغي أن يذكر لأحد ، لكنه لا يهتم بهذا الأمر ؛ فهذا ليس من المعافين ؛ لأنه من المجاهرين .
والحاصل أنه ينبغي للإنسان أن يتستر بستر الله عز وجل ، وأن يحمد الله على العافية ، وأن يتوب فيما بينه وبين ربه من المعاصي التي قام بها ، وإذا تاب إلى الله ، ستره الله في الدنيا والآخرة .
[شرح رياض الصالحين ، للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ، ص : 602ـ603] . | |
|