كنوز اسلامية admin
عدد الرسائل : 3804 العمر : 32 بلدك : مصر السٌّمعَة : 1 نقاط : 5028 تاريخ التسجيل : 21/10/2007
| موضوع: مختصرة تتعلق ببعض أحكام طهارة المريض وصلاته الأربعاء مارس 11, 2009 12:46 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد . . فهذه كلمة (1) مختصرة تتعلق ببعض أحكام طهارة المريض وصلاته . لقد شرع اللّه سبحانه وتعالى الطهارة لكل صلاة ، فإن رفع الحدث وإزالة النجاسة - سواء من البدن أو الثوب أو المكان المصلىَّ فيه - شرطان من شروط الصلاة . فإذا أراد المسلم الصلاة وجب عليه أن يتوضأ الوضوء المعروف من الحدث الأصغر أو يغتسل إن كان حدثه أكبر . ولا بد قبل الوضوء من الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة في حق من بال أو أتى الغائط لتتم الطهارة والنظافة . وفيما يلي بيان لبعض الأحكام المتعلقة بذلك : فالاستنجاء بالماء واجب لكل خارج من السبيلين كالبول والغائط . وليس على من نام أو خرجت منه ريح - استنجاء ، إنما عليه الوضوء ؛ لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة ، ولا نجاسة هاهنا . _________ (1) سبق نشر هذه الكلمة في مطوية من قبل الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد عام 1414 هـ
والاستجمار يكون بالحجارة أو ما يقوم مقامها ، ولا بد فيه من ثلاثة أحجار طاهرة ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من استجمر فليوتر » ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً : « إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه » - رواه أبو داود - ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار ، رواه مسلم . ولا يجوز الاستجمار بالرَّوث والعظام والطعام ؛ وكل ما له حُرمة . والأفضل أن يستجمر الإنسان بالحجارة وما أشبهها كالمناديل واللِّبن ونحو ذلك ، ثم يُتبعها الماء ؛ لأن الحجارة تزيل عين النجاسة ، والماء يطهِّر المحل ، فيكون أبلغ . والإنسان مخير بين الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة وما أشبهها . « عن أنس رضي اللّه عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوةً من ماء وعنزة فيستنجي بالماء » - متفق عليه - . « وعن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت لجماعة من النساء : مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله » . - قال الترمذي هذا حديث صحيح - .
وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل ؛ لأنه يطهر المحل ويزيل العين والأثر وهو أبلغ في التنظيف ، وإن اقتصر على الحجر أجزأه ثلاثة أحجار إذا نَقَى بهن المحل ، فإن لم تكف زاد رابعاً وخامساً حتى يُنَقي المحل ، والأفضل أن يقطع على وتر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من استجمر فليوتر » . ولا يجوز الاستجمار باليد اليمنى ؛ لقول سلمان في حديثه : « نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجي أحدنا بيمينه » ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : « لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه » . وإن كان أقطع اليسرى أو بها كسر أو مرض ونحوهما استجمر بيمينه للحاجة ولا حرج في ذلك .
وبما أن الشريعة الإسلامية مبنيَّة على اليسر والسهولة ؛ فقد خفف الله سبحانه وتعالى عن أهل الأعذار عباداتهم بحسب أعذارهم ، ليتمكنوا من عبادته تعالى بدون حرج ولا مشقة ، قال تعالى : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [ الحج : 78 ] ، وقال : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } [ البقرة : 185 ] ، وقال : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [ التغابن : 16 ] . وقال عليه الصلاة والسلام : « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم » ، وقال : « إن الدين يسر » . فالمريض إذا لم يستطع التطهر بالماء - بأن يتوضأ من الحدث الأصغر أو يغتسل من الحدث الأكبر لعجزه أو لخوفه من زيادة المرض أو تأخر برئه - فإنه يتيمم ، وهو : أن يضرب بيديه على التراب الطاهر ضربة واحدة ، فيمسح وجهه بباطن أصابعه ، وكَفَّيْه براحتيه ، لقوله تعالى : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } [ المائدة : 6 ] .
والعاجز عن استعمال الماء حُكمه حكم من لم يجد الماء . « ولقوله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر : إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ، ثم مسح بهما وجهه وكفَّيه . » ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار . ولا يصح التيمم إلا بنيّة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى . »
وللمريض عدة حالات : 1 - إن كان مرضه يسيراً لا يخاف من استعمال الماء معه تَلَفاً ولا مرضاً مخوِّفاً ولا إبطاء برءٍ ولا زيادة ألٍم ولا شيئاً فاحشاً ، وذلك كصداع ووجع ضرس ونحوها ، أو من يمكنه استعمال الماء الدافئ ولا ضرر عليه - فهذا لا يجوز له التيمم ؛ لأن إباحته لنفي الضرر ولا ضرر عليه ، ولأنه واجد للماء فوجب عليه استعماله . 2 - وإن كان به مرض يخاف معه تلف النفس أو تلف عضو ، أو حدوث مرض يخاف معه تلف النفس أو تلف عضو أو فوات منفعة ، فهذا يجوز له التيمم ، لقوله تعالى : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } [ النساء : 29 ] . 3 - وإن كان به مرض لا يقدر معه على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم . 4 - من به جروح أو قروح أو كسر أو مرض يضره من استعمال الماء فأجْنَبَ جاز له التيمم للأدلة السابقة ، وإن أمكنه غَسْلَ الصحيح من جسده وجب عليه ذلك ويتيمم للباقي . 5 - مريض في محل لم يجد ماءًا ولا تراباً ولا من يحضر له الموجود منهما صلى على حسب حاله وليس له تأجيل الصلاة ، لقول الله سبحانه : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [ التغابن : 16 ] .
6 - المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ بمعالجته عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ، ويغسل ما يصيب بدنه ، ويجعل للصلاة ثوبَاَ طاهراً إن لم يشق عليه ذلك ؛ وإلا عُفي عنه ؛ لقوله تعالى : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [ الحج : 78 ] وقوله : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } [ البقرة : 185 ] ، وقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم » ويحتاط لنفسه احتياطاً يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته . ويبطل التيمم بكل ما يبطل الوضوء ، وبالقدرة على استعمال الماء ، أو وجوده إن كان معدوماً . . والله أعلم .
كيفية صلاة المريض : أجمع أهل العلم على أن من لا يستطيع القيام ، له أن يصلي جالساً ، فإن عجز عن الصلاة جالساً ، فإنه يصلي على جنبه مستقبل القبلة بوجهه ، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن ، فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقياً لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين : « صَلِّ قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع فعلى جنب » - رواه البخاري - وزاد النسائي : « فإن لم تستطع فمستلقياً » ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام ، بل يصلي قائماً فيومئ بالركوع ثم يجلس ويومئ بالسجود ، لقوله تعالى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } [ البقرة : 238 ] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : « صَلِّ قائماً » ولعموم قوله تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [ التغابن : 16 ] . وإن كان بعينه مرض فقال ثقات من علماء الطب : إن صليت مستلقياً أمكن مداواتك وإلا فلا - فله أن يصلي مستلقياً .
ومن عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما ويجعل السجود أخفض من الركوع ، وإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود ، وإن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رَقَبَتَهُ ، وإن كان ظهره متقوساً فصار كأنه راكع فمتى أراد الركوع زاد في انحنائه قليلاً ، ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثرَ ما أمكنه ذلك . ومن لم يقدر على الإيماء برأسه كفاه النية والقول . ولا تسقط عنه الصلاة مادام عقله ثابتاً بأي حال من الأحوال للأدلة السابقة . ومتى قدر المريض في أثناء الصلاة على ما كان عاجزاً عنه من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود أو إيماء انتقل إليه وبنى على ما مضى من صلاته . وإذا نام المريض أو غيره عن صلاة أو نسيها وجب عليه أن يصليها حال استيقاظه من النوم أو حال ذكره لها ، ولا يجوز له تركها إلى دخول وَقْت مثْلها ليصليها فيه ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : « من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك . » وتلا قوله : { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } [ طه : 14 ] .
ولا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال ، بل يجب على المكلف أن يحرص على الصلاة أيام مرضه أكثر من حرصه عليها أيام صحته . فلا يجوز له ترك المفروضة حتى يفوت وقتها ولو كان مريضاً ما دام عقله ثابتاً ، بل عليه أن يؤديها في وقتها حسب استطاعته . فإذا تركها عامداً وهو عاقل مكلف يقوى على أدائها ولو إيماءً فهو آثم ، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى كُفْره بذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ؛ فمن تركها فقد كفر » . ولقوله صلى الله عليه وسلم : « رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله » . وإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، جمع تقديم أو جمع تأخير حسبما تيسر له ، إن شاء قدَّم العصر مع الظهر وإن شاء أخّر الظهر مع العصر ، وإن شاء قدَّم العشاء مع المغرب ، وإن شاء أخّر المغرب مع العشاء . أما الفجر فلا تجمع لما قبلها ولا لما بعدها ؛ لأن وقتها منفصل عما قبلها وعما بعدها . هذا بعض ما يتعلق بأحوال المريض في طهارته وصلاته . وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفي مرضى المسلمين ، ويكفر سيئاتهم ، وأن يمنَّ علينا جميعاً بالعفو والعافية في الدنيا والآخرة ؛ إنه جواد كريم . . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه . | |
|