كنوز اسلامية admin
عدد الرسائل : 3804 العمر : 32 بلدك : مصر السٌّمعَة : 1 نقاط : 5028 تاريخ التسجيل : 21/10/2007
| موضوع: حكم حلق الشارب الخميس مارس 12, 2009 5:26 am | |
|
الجواب: الحمد لله اختلف أهل العلم في السنة المستحبة في الشارب ، على قولين : القول الأول : أن السنة هي الحلق بالكلية ، وهو مذهب الحنفية والحنابلة . واستدلوا بظاهر الألفاظ النبوية الواردة في هذا الباب ، ومنها : ( أَحْفُوا الشَّوَارِبَ ) البخاري (5892) ومسلم (259) ، ( أَنْهِكُوا الشَّوَاربَ ) البخاري (5893) ، وفي لفظ لمسلم (260) (جُزُّوا الشَّوَارب) . قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/230) : " الإحفاء أفضل من القص ، وهذا مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله" انتهى . ونقل ابن عابدين في "رد المحتار" (2/550) عن المتأخرين اختيار القص ، فقال : " المذهب (يعني المذهب الحنفي) عند بعض المتأخرين من مشايخنا أنه القص , قال في البدائع : وهو الصحيح " انتهى . القول الثاني : أن السنة قص الشارب ، وأما حلقه فمكروه : وهو مذهب المالكية والشافعية ، وشدَّد الإمام مالك رحمه الله في ذلك . واستدلوا على ذلك بما يلي : 1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الْفِطْرَةُ خَمْسٌ : الْخِتَانُ ، وَالِاسْتِحْدَادُ ، وَقَصُّ الشَّارِبِ ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ ، وَنَتْفُ الْآبَاطِ ) رواه البخاري (5891) ومسلم (257) . 2- وعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ شَارِبِي وَفَى – أي زاد - فَقَصَّهُ لِي – يعني النبي صلى الله عليه وسلم - عَلَى سِوَاكٍ ) رواه أبو داود (188) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . وروى البيهقي في "السنن الكبرى" (1/151) بسنده عن : "عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال : ذكر مالك بن أنس إحفاء بعض الناس شواربهم فقال : ينبغي أن يضرب من صنع ذلك ، فليس حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الإحفاء ، ولكن يبدي حرف الشفتين والفم . وقال مالك بن أنس : حلق الشارب بدعة ظهرت في الناس " انتهى باختصار . وقال أبو الوليد الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/266) : " روى ابن عبد الحكم عن مالك : ليس إحفاء الشارب حلقه ، وأرى أن يؤدب من حلق شاربه . وروى أشهب عن مالك : حلقُهُ مِن البدع . قال مالك رحمه الله : وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان إذا أحزَنَهُ أمرٌ فَتَل شاربه . ولو كان محلوقا ما كان فيه ما يفتل " انتهى . وانظر "التمهيد" (21/62-68) . وقال النووي في "المجموع" (1/34-341) : " ثم ضابط قص الشارب أن يقص حتى يبدو طرفُ الشفة ، ولا يحفّه من أصله , هذا مذهبنا " انتهى . وفي "نهاية المحتاج" للرملي (8/148) من أئمة الشافعية : " ويكره الإحفاء " انتهى . يعني : إحفاء الشارب . وقد ورد هذا المذهب عن جماعة من السلف أيضا : فروى البيهقي في "السنن الكبرى" (1/151) بسنده : عن شرحبيل بن مسلم الخولاني قال : رأيت خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصون شواربهم ويعفون لحاهم ويصفرونها : أبو أمامة الباهلي ، وعبد الله بن بسر ، وعتبة بن عبد السلمي ، والحجاج بن عامر الثمالي ، والمقدام بن معد يكرب الكندي ، كانوا يقصون شواربهم مع طرف الشفة . وأجابوا عن أدلة القول الأول بأحد جوابين : 1- أن المراد بالإحفاء والإنهاك هو قص طرف الشعر الذي على الشفة ، وليس حلق أصل الشعر ، بدليل الروايات التي فيها ذكر القص فقط ، فهي مُبَيِّنَةٌ لأحاديث الإحفاء . قال أبو الوليد الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/266) : " روى ابن القاسم عن مالك : أن تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم في إحفاء الشوارب إنما هو أن يبدو الإطار : وهو ما احمَرَّ من طرف الشفة ، والإطار جوانب الفم المحدقة به " انتهى . وقال النووي في "المجموع" (1/340) : " وهذه الروايات – يعني روايات ( أحفوا..أنهكوا..الشوارب ) - محمولةٌ عندنا على الحف من طرف الشفة ، لا مِن أصل الشعر " انتهى . 2- أن الإحفاء والإنهاك في اللغة لا يعني الإزالة الكلية ، بل يعني إزالة بعضه . قال أبو الوليد الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/266) : " إنهاك الشيء لا يقتضي إزالة جميعه ، وإنما يقتضي إزالة بعضه . قال صاحب "الأفعال" : نهكته الحمى نهكا : أثرت فيه " انتهى . والراجح – والله أعلم – هو القول الثاني ، بأن السنة هي القص وليس الحلق . قال الشيخ ابن عثيمين في "مجموع الفتاوى" (11/باب السواك وسنن الفطرة/سؤال رقم 54) : " الأفضل قص الشارب كما جاءت به السنة...وأما حلقه فليس من السنة ، وقياس بعضهم مشروعية حلقه على حلق الرأس في النسك قياس في مقابلة النص ، فلا عبرة به ، ولهذا قال مالك عن الحلق : إنه بدعه ظهرت في الناس ، فلا ينبغي العدول عما جاءت به السنة ، فإن في اتباعها الهدى والصلاح والسعادة والفلاح " انتهى باختصار . وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : ورد في عدة أحاديث : (قصوا الشارب) فهل الحلق يختلف عن القص ؟ وبعض الناس يقص من أول شاربه مما يلي شفته العليا ، ويترك شعر شاربه ، تقريباً يقص نصف الشارب ، ويترك الباقي ، فهل هذا هو المعنى ؟ أو ينهك الشارب أي : يحلق جميعه؟ أرجو الإفادة عن الطريقة التي يقص الشارب بها . فأجابت "دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشروعية قص الشارب ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى ؛ خالفوا المشركين) متفق على صحته ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ؛ خالفوا المجوس) ، وفي بعضها : (أحفوا الشوارب) والإحفاء هو المبالغة في القص ، فمن جز الشارب حتى تظهر الشفة العليا أو أحفاه فلا حرج عليه ؛ لأن الأحاديث جاءت بالأمرين ، ولا يجوز ترك طرفي الشارب ، بل يقص الشارب كله ، أو يحفيه كله ؛ عملاً بالسنة" انتهى . الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود . "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/149) . وقد اختار الطبري والقاضي عياض جواز الأمرين : الحف والقص ، ومال إليه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/347) . وانظر : "الموسوعة الفقهية" (25/320) . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب
| |
|