كنوز اسلامية admin
عدد الرسائل : 3804 العمر : 32 بلدك : مصر السٌّمعَة : 1 نقاط : 5028 تاريخ التسجيل : 21/10/2007
| موضوع: الربا .................... الخميس مارس 12, 2009 12:18 pm | |
| مضار الربا من الناحية الاقتصادية:
إن مضار الربا من الناحية الاقتصادية تتجسد في صور من القروض، كالاستهلاكية والقروض الإنتاجية والقروض الحكومية من الداخل، ومنها:
أ – القروض الاستهلاكية: وهي قروض يطلبها الفقراء المتوسطون نتيجة لوقوعهم في مصيبة أو شدة لقضاء حاجاتهم الضرورية. ومن المعلوم فداحة السعر الربوي في هذا النوع من القروض، لأن المتصدي لهذا النوع هو المرابي الذي لا رقيب عليه في تقرير الفائدة، فالذي يقع في شرك هذا المرابي مرة لا يتخلص منه طول حياته، بل يكون العبء على أبنائه وأحفاده في سداد دينه.
وهذه العملية هي التي تمكن الرأسمالي من دخل العمال وتجعله مستبداً به دونهم. ونتيجة لذلك تفسد أخلاقهم، ويقترفون الجرائم والدنايا، وهو يحط من مستوى المعيشة، ويقلل من كفاءاتهم ونشاطهم الذهني والبدني، وهذا ليس ظلماً فحسب بل إنه ضرر على الاقتصاد الاجتماعي, على أن المرابي يسلب قوة الشراء من الفقير، وإذا فترت قوة الشراء تكدست البضائع في الأسواق ونتيجة لهذا التكدس تتوقف بعض المعامل من الإنتاج أو تقلله على الأقل، وبهذه العملية تنشأ البطالة لمئات من البشر، وهذه البطالة تعرقل نمو التجارة والصناعة.
ب – القروض الإنتاجية: وهذه القروض يأخذها التجار وأصحاب الصناعة والحرف لاستغلالها في الإنتاج المثمر.
إن هذه العملية التي يأخذ المرابي الربا من دون أن يتعرض لشيء إذا خسر المعمل أو التاجر تؤدي إلى تحرك الميزان الاقتصادي من جانب واحد دائماً وهو جانب المرابي فهو رابح دائماً، أما صاحب المعمل أو التاجر فليس كذلك، فيتضرر جميع العمال وصاحب العمل إلا المرابي فإنه لا يتضرر بذلك حيث أن ربحه مضمون, بالإضافة إلى أن معظم رأس المال مدخر عند الرأسماليين، لأنهم يرجون ارتفاع سعر الربا، فلا يعطي ماله للتجارة أو الصناعة لانتظاره ارتفاع سعر الربا على أن السعر المرتفع يجعل المرابي ممسكاً لماله إلاّ وفق مصلحته الشخصية لا وفق حاجة الناس أو البلاد، وقد يكون السعر المرتفع مانعاً للأعمال النافعة المفيدة للمصلحة العامة مادام ربحها لا يسدد سعر الربا، في حين أن المال يتدفق نحو الأعمال البعيدة عن المصلحة العامة لأنها تعود بربح كثير.
وقد يستعمل التجار الذين هم مطالبون بالربا الطرق المشروعة وغير المشروعة المؤدية إلى اضطراب المجتمع الإنساني والحط من الأخلاق الإنسانية وما يترتب عليها من جرائم في سبيل كسب سعر الربا.
ج – القروض الحكومية من الداخل: وهي القروض التي تأخذها الحكومة من أهالي البلاد، فهناك القروض المأخوذة لأغراض غير مثمرة كالحروب ، وهناك القروض المأخوذة لأغراض إنسانية اجتماعية كالتجارة مثلاً، وهذان النوعان يشابهان القروض الاستهلاكية والقروض الإنتاجية.
والملاحظ هنا أن الحكومة تلقي ضغطاً على عامة أهل البلاد بفرض الضرائب والمكوس حتى تستطيع أن تؤدي إلى الرأسماليين (أصحاب القروض) الربا، والتجار أيضاً لايؤدون هذه الضرائب والمكوس من عندهم وإنما يرفعون قيمة السلع فيؤخذ الربا على وجه غير مباشر من كل من يشتري من السوق وهو الفقير والمتوسط الحال. إذن الذي يتضرر تضرراً كاملاً هو الفقير فحسب، لأن صاحب الغلة وأصحاب المصانع والتجار يرفعون من سعر نتاجهم.
الربا يمنع من إنشاء المشروعات المفيدة للمجتمع، لأن الربا: يعني أن المال يولد المال من دون أعمال، أما الأعمال إذا ولدت المال، فهذا يعني أن صاحب العمل استفاد وكذلك المجتمع استفاد, وإذا طرحت هذه المواد أو تلك المنتجات أو هذه الخدمات انخفضت الأسعار لإن توافر المواد يخفض سعرها، وإذا انخفض السعر اتسعت شريحة المستفيدين فإذا اتسعت شريحة المستفيدين عم الرخاء، لأن كل شيء يرفع السعر يضيق دائرة الاستفادة، والمشكلة أنّ الدائرة إذا ضاقت يقل الإنتاج والبضائع تتكدس في المستودعات مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج، وهذا بدوره يؤدي إلى الاستغناء عن العمال فتزداد البطالة.
وانقسم المجتمع إلى طبقتين طبقة تملك ولا تعمل وطبقة تعمل ولا تملك ، طبقة عاطلة عن العمل وهي طبقة المرابين وطبقة تعمل ولا تملك وكل جهدها لا يكفيها قوت يومها.
أضرار الربا من الناحية الاجتماعية:
للربا أضرار عديدة من الناحية الاجتماعية، منها:
1ـ الربا له أضرار أخلاقية وروحية، لأننا لا نجد من يتعامل بالربا إلا إنساناً منطبعاً في نفسه البخل، وضيق الصدر، وتحجر القلب، والعبودية للمال، والتكالب على المادة وما إلى ذلك من الصفات الرذيلة.
2ـ المجتمع الذي يتعامل بالربا مجتمع منحل، متفكك، لا يتساعد أفراده فيما بينهم، ولا يساعد أحد غيره إلا إذا كان يرجو من ورائه شيئاً، والطبقات الموسرة تعادي الطبقات المعدمة. ولا يمكن أن تدوم لهذا المجتمع سعادته، ولا استتباب أمنه، بل لا بد أن تبقى أجزاؤه مائلة إلى التفكك، والتشتت في كل حين من الأحيان حيث بالربا تزرع بوادر الحقد والعداوة وهذا ما نشاهده اليوم بين أطراف الربا سواء على الصعيد الشخصي أو على الصعيد الدولي.
3ـ الربا إنما يتعلق في نواحي الحياة الاجتماعية لما يجري فيه التداين بين الناس، على مختلف صوره وأشكاله. وهذه القروض ضررها يعود على المجتمع بالخسارة، والتعاسة مدة حياته، سواء كانت تلك القروض لتجارة، أو لصناعة، أو مما تأخذه الحكومات الفقيرة من الدول الغنية، فإن ذلك كله يعود على الجميع بالخسارة الكبيرة التي لا يكاد يتخلص منها ذلك المجتمع أو تلك الحكومات، وما ذلك إلا لعدم اتباع المنهج الإسلامي، الذي يدعو إلى كل خير ويأمر بالعطف على الفقراء والمساكين، وذوي الحاجات، قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوااللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[المائدة: 2]. وقال عليه الصلاة والسلام: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى», فلا نجاة، ولا خلاص، ولا سعادة، ولا فكاك من المصائب، إلا باتباع المنهج الإسلامي القويم واتباع ما جاء به من أحكام وتعاليم.
4ـ تعطيل الطاقة البشرية، فإن البطالة تحصل للمرابي بسبب الربا وتقاعسه عن العمل الجاد، والإنتاج المؤدي إلى صلاح الفرد والمجتمع؛ بما يوفره من توفير فرص أكبر للأيدي العاملة.
5ـ وضع مال المسلمين بين أيدي خصومهم، وهذا من أخطر ما أصيب به المسلمون، وذلك لأنهم أودعوا الفائض من أموالهم في البنوك الربوية في دول الكفر، وهذا الإيداع يجرّد المسلمين من أدوات النشاط، ويعين هؤلاء الكفرة أو المرابين على إضعاف المسلمين، والاستفادة من أموالهم.
6ـ آكل الربا يحال بينه وبين أبواب الخير في الغالب، فلا يقرض القرض الحسن، ولا ينظر المعسر، ولا ينفس الكربة عن المكروب، لأنه يصعب عليه إعطاء المال بدون فوائد محسوسة، وقد بيّن الله فضل من أعان عباده المؤمنين ونفّس عنهم الكرب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة» .
وثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله.
7ـ الربا يقتل مشاعر الشفقة عند الإنسان، لأن المرابي لا يتردد في تجريد المدين من جميع أمواله عند قدرته على ذلك، ولهذا جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا تنزع الرحمة إلا من شقي»(37), وقال عليه الصلاة والسلام: لا يرحم الله من لا يرحم الناس) وقال عليه الصلاة والسلام: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
8ـ الربا يسبب العداوة والبغضاء بين الأفراد والجماعات، ويحدث التقاطع والفتنة ويجرّ الناس إلى الدخول في مغامرات ليس باستطاعتهم تحمّل نتائجها.
وأضرار الربا لا تُحصى، ويكفي أن نعلم أن الله تعالى لا يحرم إلا كلّ ما فيه ضرر ومفسدة خالصة أو ما ضرره ومفسدته أكثر من نفعه.
وجه الإعجاز:
لا يشك المسلم في أن الله عز وجل لا يأمر بأمر ولا ينهى عن شيء، إلا وله فيه حكمة عظيمة، فإن علمنا بالحكمة، فهذا زيادة علم ولله الحمد، وإذا لم نعلم بتلك الحكمة فليس علينا جناح في ذلك، إنما الذي يطلب منا هو أن ننفذ ما أمر الله به، وننتهي عما نهى الله عنه ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم, ولا شكّ أنّ للرّبا أضرار جسيمة، وعواقب وخيمة، والدين الإسلامي لم يأمر البشرية بشيء إلا وفيه سعادتها، وعزّها في الدنيا والآخرة، ولم ينهها عن شيء إلا وفيه شقاوتها، وخسارتها في الدنيا والآخرة، ثم إن المصلحة هي بتحريم الربا لأن أضراره الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أكثر من منافعه, ومن ثم فإنه لا يصح القول بأن العلة في تحريم الربا هي الاستغلال أو الظلم؛ لأن الظلم أو الاستغلال هو الحكمة من تحريم الربا، وهناك فرق بين الحكمة والعلة، فالحكم الشرعي يدور مع العلة لا مع الحكمة وجوداً وعدماً.
الخلاصة:
إن الربا ثروة من الفقراء إلى الأغنياء، تصور إنساناً لا يعمل، يستيقظ الساعة الثانية عشرة ظهراً، لأن أمواله مستثمرة في مشروع ربوي وربحه ثابت لا يهمه نزول مطر أو لا، ولا يهمه كساد ولا يهمه رواج، لا يهمه تقدم الأمة، فربحه ثابت، لذلك فإن أقسى قلب هو قلب المرابي أو الذي يستثمر ماله عن طريق الربا لأنه انتهازي لا يهمه شيء سوى نفسه(42). وما شرعت الزكاة والصدقة وتحريم الربا إلا ليعم المال جميع الناس بالعدل والقسط قال الله تعالى: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[الحشر: 7], إنه مع ضيق المكاسب وقلة الأعمال ارتفعت نسبة الإجرام إلى عشرة أضعاف تقريباً، والعالم الغربي يعاني أخطر ما يعاني من البطالة، بسبب استثمار الأموال عن طريق الربا, فالمرابي كأنه مصاص الدماء يأخذ دماء الناس وتعبهم وعرقهم وكل جهدهم ولا يكفي ذلك كله لسداد ما عليهم.
لقد جاء تحريم الربا بنص القرآن على لسان النبي الأمي الأمين الذي لا ينطق عن الهوى؛ بل هو من عند الله العظيم، وهذا ما أكدته اليوم نتاجات الحضارة وخبرات البنوك وتجارب المرابحين والتجار؛ أن الربا مرض سرطاني يجب أن يُستأصل من جذوره لكي تعيش الشعوب بأمان ويعم الرخاء وتنتهي البطالة ويحيى الناس على الحب والتآخي والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، حتى ننال السعادة في الدارين ونعيش معيشة لا نضل فيها ولا نشقى امتثالاً لأمر الله القائل: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى^وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 123-124]. منقول،،،،،،، | |
|