بغداد
بغــدادُ ماذا أرى في حــالِكِ الظُّـلَـم.......نجمًا يلــــوحُ لنـا، أم لفحــــةَ الحِمَــــمِ
أرى النواحي وضوءُ الـنارِ يلفَحُها.......فكيـف تــــــجتمعُ النيـرانُ بالظُّــــــلـمِ؟
بغدادُ لا تســكتي رُدي علـى طلبــي.......وامحي سؤالي الذي أحكيه ملءَ فمي
بغـــدادُ أيـن زمـانُ العِـزِّ فــــي بلـدٍ.......كـــــان السلام به أسمـى من العَلَـــمِ؟
دارَ الســـلامِ أيا بغـدادُ، هل بـعُـدت.......عنــــك الجحافلُ فـي يومِ الوغى النَّهِمِ
بغدادُ أين سحابُ المزنِ إذ حكمـت.......يَدُ الرشيـــــدِ بعـدلِ اللهِ فــــــي الأُمـمِ؟
يقولُ أنَّى سَكَبتِ المزنَ سوف أرى.......منـه الخــــــراجَ ويأتيــــــني بـلا غُرُمِ
أيـــن الجحافلُ يا بغـــدادُ عن زمـنٍ.......تخــــــاذَلَ العُرْبُ عــن أفعالِ مُعتصِمِ؟
قــادَ الجحــافـلَ لــم يــهنأ بشـربَتِـه.......حتـــى أتى ثــأرَهُ فــي الأنجُمِ الحُــــرُم
بــالله لا تخجلـي واحـــكي حقيقتَنـا.......ولتكشفي حــــالنـا حالٌ مـــــــن السَّـدَمِ
بالله يا نـــخلـةً مــدَّت جـــــذائرَهـا.......بيــــــن الفراتيــــن في شـطٍ من السَّقَمِ
هل روَّعتـكِ المآسي فوق طينتِهـا.......وهــــل سقتـكِ دمـــــًا تجريهِ بعــــدَ دَمِ؟
وهـل ستأتي أسـودُ العُربِ يدفعُها.......نــــــبضُ الكرامَةِ فــــي قلـبٍ لها هَـرِمِ
النارُ نـــارُك يا بغـدادُ فاصطبــري.......فمـــــا يفيدكِ بعـــــدَ الحَـرقِ مـن نـــَدَمِ
واسـتنجدي ببنــي الإسلامِ إنهمـو.......أُســـــــدُ الوغى وأسودُ الشرك كالعَدمِ
بالله قـولـــي أيا بغـدادُ مـا فتئـــت.......يَدُ المغولِ تزيــــــــدُ الجـرحَ بالكَلِـــــــمِ
مرت قرونٌ ثمـانٍ والجــراحُ بنـا.......تغـــــــورُ من رجــسِ ما صبُّوه من نِقَمِ
تبـًا لمسـتعصـمٍ لم يحـــــمِ دولتَـه.......فاستهدفتها عبــــــيدُ الرجس والصـــنَمِ
تبـًا لمستــعصمٍ كــــانـت بطـانَتُـهُ.......تُزيغُــــــهُ عــــن طريـق الحقِ والقيَـــم
تبًا لمستعصـــمٍ أمسـت حواشيـهِ.......تُشـــــارك الناسَ فـــي الأرزاقِ واللُّقمِ
تبـًا لمستعصـمٍ أفنـــى خزينتَــــهُ.......على الغـــــــواني وأهلِ الرَّقصِ والنَّغَم
تبـًا لمستعصـمٍ يخشــــى رعيَتـه.......وآمِنٌ بيـــــنَ أعـداءٍ علـــــى الحُـــــرَمِ
تبًا لمستعصــمٍ لا يستحـــي أبـدًا.......ينقــــــادُ ذلاً مـــــن الأعـداءِ كالبَهَــــــم
تبًا لمستعصــمٍ أبـدى شـجــاعتَه.......علــــــى الرَّعِيـــــةِ بالتنكـــــيل والتُهَـمِ
حانَ الوداعُ أيـا بغـدادُ فـــانتحبي.......فـــــــقد أصيـبَ جميــــعُ القومِ بالصَّمَم
حانَ الوداعُ أيا بغـدادُ قد نُحِـرَتْ.......رجـــــــولةُ القَـومِ في ميـدانِ مُنتقِــــــمِ
حان الوداعُ وعذرُ القـومِ أنهمو.......لا يقــــــدرون على الأرمـــاحِ والحُسُمِ
هذا الوداعُ فموتي خيرَ عاصمةٍ.......مذبوحــــةً ربمـا مـــــاتـتْ بـلا ألَــــــم!
منقولـ