أما أنت أيها الأب وأنتِ أيتها الأم فلكم من الأجر والمثوبة الشيء الكثير ومن ذلك: 1 - تلبس يوم القيامة حلتين. قال :
{ من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به، أُلبس يوم
القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل الشمس، ويُكسى والديه حُلتين لا يقوم بهما الدنيا،
فيقولان، بم كسينا؛ فيقال بأخذ ولدكما القرآن } [صححه الحاكم ووافقه الذهبي].
2 - لكما أجر الدلالة على الخير: {
الدال على الخير كفاعله } [رواه مسلم].
3 - استمرار ثواب غرس الإسلام في قلوبهم ومحبة هذا الدين وكتاب الله، قال : {
من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.. } [رواه مسلم].
4 - اقامة معالم الإسلام وسننه في الأهل والجيران والمعارف، فإن الناس يتبعون
بعضهم بعضاً، قال : {
من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده.. } الحديث.
5 - تنشئة الابن على الخير والصلاح ليكون لكما ذخراً بعد موتكما، فإن النبي اشترط الصلاح في الولد فقال :
{ إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث }وذكر منها {
أوولد صالح يدعو له } [رواه مسلم].
6 - إبعاد الابن عن مواطن الفتن والشبه ووقايته من النار يقول الله جل وعلا: (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6].
7 - تقرُّ عينك وأنت تسمع وترى اهتمامات ابنك وابنتك وكلها منصبة في حفظ القرآن
وكم حفظ، وإلى أي آية قرأ؟ وهم بهذا ينشأون في طرق الخير بعيداً عن الانحراف ودواعيه، وهذه نعمة عظيمة.
8 - الأجر العظيم الذي تناله من الله عز وجل على الصبر على حسن التربية والتنشئة
قال تعالى: (
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )[العنكبوت:69].
9 - براءة الذمة من عدم التفريط في التربية قال :
{ كلكم راع ومسئول عن رعيته... والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته } [متفق عليه].
10 - نفع الأمة والإسهام في تقديم جيل صالح حافظ لكتاب الله ليكونوا صالحين مُصلحين.
وبعض الآباء يتعذر بأن ملَكَات ابنه ضعيفة، أو أن مواهبه قليلة، وهو ضعيف الحفظ، قليل الفهم، ولهذا الأب بعض النقاط التي توضح ما غاب من أمره ومنها: 1 - يكفي ابنك أن يحضر كل يوم حلق التحفيظ وهي مجالس ذكر عظيمة تغشاها
الرحمة وتتنزل فيها الملائكة ويذكرهم الله عز وجل فيمن عنده.
2 - الملائكة تستغفر لابنك، والله عز وجل يُسهِّل له أمر هذا الطريق قال :
{ من سلك
طريقاً يلتمس به علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب
العلم رضاء بما يطلب، وإن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض حتى الحيتان
في الماء.. } [رواه أحمد].
3 - ابنك ممن يحملون ميراث النبوة قال : {
وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر } [رواه أحمد].
4 - إنه في عبادة عظيمة قال مخاطباً أبا ذر:
{ يا أبا ذر لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة.. } [رواه ابن ماجة بإسناد حسن].
5 - تعويدهم على ارتياد أماكن العبادة وربطهم بها، وحتى لا يكون بينهم وبين
المساجد وحشة إذا كبروا وشبّوا، ولتكون قلوبهم منذ الصغر معلقة بالمساجد وأهلها.
6 - الصحبة الطيبة التي يجدونها في طلبة حِلَقِ التحفيظ فهم من صفوة الصغار الذين
نراهم وهؤلاء هم زملاؤه وصحبته إذا كبر.
7 - إن هذا القرآن ميسر قراءته وحفظه للكبير والصغير قال تعالى: (
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ )[القمر:40]
وهناك رجال ونساء كبار في السن يحفظون القرآن الكريم كاملاً بالرغم من أنهم لا يعرفون القراءة والكتابة، إنما حفظوا عن طريق السماع.
8 - في بقائهم بعد صلاة العصر مثلاً حفظ لهم من المؤثرات الخارجية: كالشارع
والشاشة والصحبة السيئة، وفي ذلك حفظٌ لأوقاتهم وعقولهم واستثمارها فيما ينفع.
9 - لا يشترط في التحاق ابنك لحلق التحفيظ أن يحفظ القرآن كاملاً، بل دعه يسير مع
الركب ولا تحرمه أجر المشاركة ويكفي أن يحفظ ما تيسر ففي هذا فضل عظيم.
10 - بعض الآباء يتعذر بأن حفظ أولاده للقرآن الكريم يقلل من تحصيلهم العلمي،
والتجربة أكبر برهان على عكس ذلك ولك أن تسأل عن الطلاب النابغين في إدارات
التعليم لترى أنهم من حفظة كتاب الله عز وجل.
11 - فترة الطفولة والشباب فرصة ذهبية لحفظ القرآن بعيداً عن المشاغل وكثرة
الأعمال مع ثبوت الحفظ في هذه السن. ومن قرأ القرآن في صغره حسنت لغته وتعرف
على شواهد القرآن وبلاغته وسَلِمَ من اللحن.
12 - أن ابنك الذي يجد مشقة في القراءة والحفظ له أجر عظيم لقول النبي :
{.. والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران } [رواه مسلم].
أيها الأب المبارك: إن فاتك أمر حفظك لكتاب الله عز وجل فلا تحرم أبناءك
وبناتك من ذلك، واحرص على أن يكون لك سهم من سهام الخير بدعم هذه الحلق والمدارس
المباركة بما تراه من طيِّب مالك فهم أحق وأولى بالدعم، وليكن لجماعات تحفيظ القرآن جزء من
أوقافك فإنها من أكثر المصارف نفعاً وأعظمها أجراً، وأسهم بإسداء الرأي والتوجيه للرفع من مستوى
الحلق، فإن ذلك من التعاون على البر والتقوى وفيه إعانة لهم على الاستمرار. أيها الأب الموفق: أما وقد انشرح صدرك لهذا الأمر العظيم وسمت همتك للعلياء لا يفوتك الحرص على اختيار الحلق الجيدة حتى يستفيد أبناؤكم الفائدة المرجوة، وذلك عن طريق السؤال عن حسن تعامل القائمين على الحلق، ومدى انضباط الأبناء في الحضور والانصراف، ومعرفة وقت بدء الحلقة ونهايتها، ومقدار الحفظ والمراجعة، وابذل لهم الجوائز وكن خير مشجع ومساند لهم.
يا أمة محمد :اجعلوا بيوتكم دوحات إيمانية ولتكن شجرة أسرتكم أوراقاً خضراء مورقة، فأنتم
تحفظون كتاب الله عز وجل وأبناؤكم يسعون في حلقات التحفيظ، وأما أزواجكم وبناتكم
فهن في رياض الجنة يتقلبن ويغدين إلى دور التحفيظ النسائية المسائية يحفظن كتاب
الله عز وجل.. إنها أسر مباركة. فلا تحرموا أنفسكم من هذا الخير..
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (
إن هذا القرآن مأدبة الله فخذوا منه ما استطعتم، فإني لا أعلم شيئاً أصغر من بيت ليس فيه من كتاب الله شيء، وإن القلب الذي ليس فيه من كتاب الله شيء خرب كحجرات البيت الذي لا سكن له ) [رواه الدارمي].
قال تعالى: (
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً )[الفرقان:30]
قال ابن كثير رحمه اللهdrawGradient()
: ( فتركُ تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وفهمه من هجرانه وترك العمل به وامتثال
أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء من هجرانه.. ).
أصلح الله لنا الذرية وجعلهم ممن يحملون راية هذا الدين، وجعلنا ممن يستعمله في طاعته ومرضاتهمنقول