الشبهة الثانية:
( الزعم بأن حد الردة انتهاك لحقوق الإنسان)
والجواب على هذه الشبهة من عدة وجوه:
1- حد الردة حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم.
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس, والثيب الزاني, والمفارق لدينه التارك للجماعة )).
وعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من بدل دينه فاقتلوه))
2- لابد هنا من التنبيه على أمرين راعاهما الشارع في تنفيذ حد الردة:
الأول : أن الإسلام يحاسب على الظواهر أما السرائر فأمرها إلى الله, وعليه فلا ينفذ حد الردة إلا فيمن جاهر بها وأعلنها وشُهد عليه بذلك, فمن أسرها في نفسه فالله حسيبه .
الثاني : قبل تنفيذ الحد لابد من استتابته ثلاثة أيام, فإن تاب وإلا نفذ الحكم.
3- إن العقيدة في الإسلام هي الأساس الذي تبنى عليه بقية الأحكام والتشريعات, ولهذا كان حفظ العقيدة أول الأمور الواجب على الدولة حمايتها.
4- أن الردة تلاعب بالدين وتعاليمه لا يرضاه الشرع, بل ينظر إليه على أنه أشد من الكفر.
5- أن في الردة دعاية خطيرة ضد الإسلام وإساءة إلى أهله, قد يمنع بها غيره من التفكير في الدخول في الإسلام, فكأن لسان حاله يقول أنه أسلم وجرب الإسلام ولكنه وجده غير صالح, وهذا مدخل لهدم الدين قد يستخدمه أعداؤه .
6- أن الإسلام يريد ممن يدخله أن يدخله عن قناعة تامة, فإن لم تحصل تلك القناعة فقد أوصد الباب في وجه المتلاعبين .
الشبهةالثالثة:
( اخذ الجزية في الاسلام )
اولا : الإسلام لم يكن أول من أخذ الجزية، فهي قانون عند كل الأمم بمن فيهم اليهود
والنصارى.
فالعهد القديم، الذي يؤمن به اليهود والنصارى يشرع شرعة الجزية، ويذكر أن الأنبياء ـ عليهم السلام ـ أخذوا الجزية من الأمم المغلوبة، حين غلبوا على بعض الممالك، كما صنع النبي يشوع مع الكنعانيين حين تغلب عليهم "فلم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر، فسكن الكنعانيون في وسط أفرايم إلى هذا اليوم، وكانوا عبيدًا تحت الجزية" (يشوع 16)، وقد جمع لهم بين العبودية والجزية.
ويذكر إنجيل متّى 22،أن المسيح سُئل: "أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا؟ .. فقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة؟ قالوا له: لقيصر. فقال لهم: أعطوا إذًا ما لقيصر لقيصر، وما للّه للّه".
ويعد العهد الجديد أداء الجزية للسلاطين حقًا مشروعًا، بل ويعطيه قداسة، ويجعله أمرًا دينيًا، إذ يقول بولس في رومية 13: "لتخضع كل نفس للسلاطين، السلاطين الكائنة هي مرتبة من الله، حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله، .. فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية، والخوف لمن له الخوف، والإكرام لمن له الإكرام".
ونسي هؤلاء أن الجزية في الإسلام لم تزد في كل تاريخها عن أربع دنانير، وتراوحت في أغلب أحوالها بين دينار ودينارين.
يقول المؤرخ بنيامين كما نقل عنه آدم متز في الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري: "إن اليهود في كل بلاد الإسلام يدفعون دينارًا واحدًا".
الأجمل من كل هذا، أن الجزية هذه لم تكن تؤخذ من كل أهل الكتاب، بل من الشباب القادر على حمل السلاح والقتال، وقت الحرب، والعمل والكسب وقت السلم، ولم تؤخذ قط من النساء أو الأطفال أو الشيوخ أو حتى الرهبان.
قال الإمام مالك في الموطأ: "مضت السنة أن لا جزية على نساء أهل الكتاب، ولا على صبيانهم، وأن الجزية لا تؤخذ إلا من الرجال الذين قد بلغوا الحلم، وليس على أهل الذمة ولا على المجوس في نخيلهم ولا كرومهم ولا زروعهم ولا مواشيهم صدقة".
وكل هذا يبطل كذب الحاقدين، ويبرز نور الإسلام، وعدله، ورحمته.
(موقع الشريعة)